لقطاء الفكر و الأخلاق يتكلمون عن الحرية -2-

الحرية من أكثر المفاهيم المتعرضة للتجاذب , و من أكثر المفاهيم التي يركب عليها المنحرفون للوصول إلى مآربهم الخسيسة , فهي مطية يظنونها سهلة لكنها ليس كذلك ..

و ينبغي أن نعلم أن منطق العقل السليم يربط الحرية بالمسؤولية , فالحرية لو تمعنا في معانيها جيدا فلن نجدها تشريفا محضا للإنسان , و إنما تحمل من معاني التكليف – الذي يحصل به التشريف – أكثر من معاني التشريف , لذا فالأحرار في كل مكان و زمان هم القادرون على تحمل المسؤولية الموفون بها ..

الحرية هي إلتزام في حدود المسموح به شرعا عندنا نحن المسلمين , فإذا إلتزمت بالحدود فأنت حر , و قد يبدو هذا الكلام متناقضا عند من يرى الحرية تجاوزا للمعقول و اللامعقول أو لكل الحدود , و هو ليس متناقضا لأمر واحد و هو :

أن هذا الوجود كله على هذه الارض تتجاذبه المصلحة و المفسدة , أي أن حصول المصلحة مرهون بأفعال كما ان حدوث المفسدة مرهون بأفعال , و إذا قلنا ان الحرية مطلقة و تعني تجاوز كل الحدود فإن حصول المفاسد أقرب من حصول المصلحة , و هو امر تنكره العقول السليمة ..

لذا وجب القول أن الحرية هي إلتزام كل الامور التي بها تحصل المصلحة الدنيوية و الأخروية ..
إذا كان هذا الأمر معلوما لذوي البصيرة فإن الحكمة من وجود الامر و النهي في الشريعة هو صيانة الحرية و ليس التضييق على الحرية , و أن الحكمة من وجود العقوبات المترتبة على مخالفة النهي و الامر هو صيانة الحرية و ليس التضييق عليها , و أن وجود الجزاء على الالتزام هو صيانة الحرية و ليس التضييق عليها ..

و بالمثال يتضح المقال :

من المعلوم أن ” العرض ” من الضروريات الخمسة التي جاء الاسلام لصيانتها و الحفاظ عليها , و أوجد كل التدابير الممكنة لذلك ..

– فسن الزواج و هو مؤسسة مقدسة ليس المقصود منها إفراغ الشهوة كما يظنه المنحرفون , فيدعون أمهاتهم و أخواتهم و بناتهم إلى عدم الاقتصار على الزوج ! – في أخر ما يمكن ان يتصوره عقل عاقل – بل الزواج مؤسسة تعتبر النواة المصغرة للأمة كاملة , و إذا كان للأمة مقاصد سامية فإن النواة تابعة للأمة في تحقيق نفس المقاصد , و الحمد لله أمتنا ليست امة حيوانية حتى يكون من مقاصدها – الزنا – اعاذنا الله و إياكم من السوء ..

– و أوجب الحجاب : و الحجاب بطبيعته ليس قطعة قماش , بل هو معادلة كاملة تجمع بين الاخلاق و الزي الذي بينت نصوص الشرع أوصافه , سواء كان نقابا كاملا او كشفا للوجه و اليدين , و الحمد لله نحن المغاربة وجدنا أمهاتنا زمانا و هن ملتزمات بالحجاب الشرعي و بالنقاب أيضا , و هذا مشهود و لا ينكره إلا مكابر حجود , بل ولا تزال النساء عندنا في مناطق كثيرة من المغرب يغطين وجوههن و اجسادهن كاملة بلباس ليس بمستورد و لا بدخيل بل هو لباس أصيل و مترسخ في الذاكرة , و هؤلاء النسوة العفيفات لا يعرفن شيئا عن الوهابية و لا عن هذه المسميات التي نسمع بعض الناعقين يصفون بها كل منتقبة أو متحجبة ..

– …

و للموضوع تتمة بإذن الله ..

أضف تعليق